Home

Non Profit Site

Site Map

Scientific Miracles In Qura'an Kareem

 

دراسة ميدانية وشمسية لكهف الفتية بالأردن
دكتور مهندس يحيى وزيرى

 

ورد في سورة "الكهف" العديد من القصص القرآنية العجيبة والمتعددة، منها قصة سيدنا موسى مع الخضر، وقصة ذي القرنين، وقصة الفتية المؤمنين الذين فروا بدينهم واعتزلوا قومهم فآووا إلى أحد الكهوف بوحي من الله، يقول الله سبحانه وتعالى:" وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف، ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا"(1)، ولأهمية هذه القصة وهذا الكهف فقد تم تسمية السورة الكريمة باسمه أي "سورة الكهف".

وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن علاقة حركة الشمس بهذا الكهف وأن ذلك من آياته في قوله سبحانه وتعالى: "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه، ذلك من آيات الله، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا"(2).
 

الكهف في اللغة هو الغار في الجبل، وهو المغارة الواسعة في الجبل(3)، أما الفجوة فيقال فجوة الدار أي ساحتها(4)، والفجوة أيضا المتسع بين الشيئين(5).
ويذكر ابن كثير (رحمه الله) في شرح الآية الكريمة(6): "أن هذا دليل على أن باب هذا الكهف المذكور كان من نحو الشمال، لأنه تعالى أخبر أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه (ذات اليمين) أي يتقلص الفيئ يمنة، كما قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة (تزاور) أي تميل وذلك أنها كلما ارتفعت في الأفق تقلص شعاعها بارتفاعها حتى لايبقى منه شيئ عند الزوال في مثل ذلك المكان، ولهذا قال (وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال) أي تدخل إلى غارهم من شمال بابه وهو من ناحية المشرق فدل على صحة ما قلناه وهذا بين لمن تأمله وكان له علم بمعرفة الهيئة وسير الشمس والقمر والكواكب، وبيانه أنه لو كان باب الغار من ناحية المشرق لما دخل إليه منها شيء عند الغروب، ولو كان من ناحية القبلة (يقصد الجنوب) لما دخل منها شيئ عند الطلوع ولاعند الغروب و لا تزاور الفيئ يمينا ولا شمالا، ولو كان من جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع بل بعد الزوال ولم تزل فيه إلى الغروب فتعين ما ذكرناه ولله الحمد، وقال مالك عن زيد بن أسلم تميل (ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) أي في متسع منه داخلا بحيث لا تصيبهم إذ لو أصابتهم لأحرقت أبدانهم و ثيابهم قاله ابن عباس، (ذلك من آيات الله) حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء و الشمس و الريح تدخل عليهم فيه لتبقى أبدانهم .
ويقول الإمام الشوكانى (رحمه الله) في تفسير الآية الكريمة(7): " للمفسرين في تفسير هذه الآية قولان:

الأول: أنهم مع كونهم في مكان منفتح انفتاحا واسعا في ظل جميع نهارهم ولا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا في غروبها لأن الله حجبها عنهم.
والثاني: أن باب الكهف كان مفتوحا جهة الشمال فإذا طلعت الشمس كانت عن يمين الكهف وإذا غربت كانت عن يساره".

أولا: اكتشاف مكان الكهف المذكور بالقرآن الكريم وأدلة ذلك :
اختلفت الآراء حول موقع ومكان الكهف الذي ارتبط بقصة الفتية المؤمنين المذكورة في القرآن الكريم ضمن سورة الكهف، وقد أشارت بعض الاكتشافات الأثرية في العقود الماضية لبعض الكهوف التي تم اكتشافها بالقرب من عمان بالأردن أو أفسوس بآسيا الصغرى أو حتى في اسكتلندا، وقد رجحت بعض الأدلة التاريخية و الأثرية و كذلك انطباق آية طلوع الشمس وغروبها أن الكهف الموجود بجنوب عمان في الأردن أن يكون هو الكهف المذكور في القرآن الكريم .
ففي عام 1963 قامت دائرة الآثار العامة الأردنية بحفريات أثرية تحت إشراف المرحوم رفيق وفا الدجانى في منطقة تسمى "سحاب"،وتقع على بعد حوالي 13 كم جنوب شرق العاصمة الأردنية عمان، وقد استدل علماء الآثار والتاريخ بعدة أدلة ترجح بقوة أن يكون هذا الكهف هو الذي جاء ذكره في القرآن الكريم، وهذه الأدلة هي:
أ- الدليل التاريخي:
من الأدلة التاريخية التي يذكرها رجال الآثار أن العديد من الصحابة و قادة الجيوش الإسلامية قد ذكروا أن موقع الكهف الذي يوجد به أصحاب الكهف موجود بجبل الرقيم بالأردن حيث زاروا هذا الموقع وعرفوه، و منهم الصحابي عبادة بن الصامت الذي مر على الكهف في زمن عمر بن الخطاب وأيضا معاوية بن أبى سفيان، وكذلك حبيب بن مسلمة وابن عباس قد دخلوا هذا الكهف ورأوا عظام أصحاب الكهف(8).
ب-الدليل الأثري: تم العثور على بناء أثرى بنى فوق الكهف وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى: "فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم، قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"، فقد أثبتت الحفريات عن وجود بنيان فوق هذا الكهف كان معبدا (كنيسة) ثم تحول إلى مسجد في العصر الإسلامي، ويوجد بقايا سبعة أعمدة مصنوعة من الأحجار غير مكتملة الارتفاع ومخروطة على شكل دائري، كما يوجد بقايا محراب نصف دائري يقع فوق باب الكهف تماما، وبين الأعمدة الباقية بالمسجد بئر مملوءة بالماء وهى البئر التي كان يتم استخدامها في الوضوء، وقد أتيح لمقدم البحث أن يرى هذا المسجد خلال الزيارة الميدانية للكهف، شكل (1).

وقد تم ترميم المسجد أكثر من مرة وفقا لما هو مدون على الأحجار التي وجدت بداخله، وهى تشير إلى تجديد تم عام 117 هجرية ثم عام 277 هجرية، ثم أعيد التجديد مرة أخرى عام 900 هجرية مما يدل على اهتمام المسلمين الأوائل بهذا المسجد لاقتناعهم بأنه المذكور في القرآن الكريم، ومما يؤكد الاهتمام بهذا الموقع وجود مسجد آخر يقع بالجهة القبلية من الكهف ومازال منبر هذا المسجد قائما إلى اليوم وهو مكون من ثلاث درجات ضخمة من الأحجار على يمين المحراب، شكل (2)، وقد عثر بالمسجد على بلاطة تفيد بأن الخليفة الموفق العباسي قد أمر بتجديده.
كما تم العثور على ثمانية قبور بنيت بالصخر أربعة منها يضمها قبو يقع على يمين الداخل للكهف والأربع الأخرى تقع في قبو على يسار الداخل للكهف و المرجح أنها القبور التي دفن فيها الفتية التي ورد ذكرهم في القرآن، شكل (3)، وفي المنطقة الواقعة بين القبوين في الجزء الأول من الكهف تم العثور على جمجمة لكلب وبفكه ناب واحد وأربعة أضراس، ويوجد بالكهف دولاب زجاجي يحتوى على جمجمة الكلب الى جانب بعض قطع من النقود التي كانوا يستعملونها ومجموعة من الأساور والخواتم و الخرز وبعض الأواني الفخارية، شكل (4).
ج- الدليل الجيولوجي: يؤكد المهندس الجيولوجي ناظم الكيلانى(9) من خلال فحوصاته المختبرية على أن تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم ، ويذكر أن هذه التربة تتكون من الكاربوهيدرات والكالسيوم والمغنسيوم إضافة الى حفريات النباتات والحيوانات المشبعة بالراديوم، وهذه المواد توجد في معادن اليورانيوم والثوريوم المشعة والتي من خصائصها إنتاج أشعة "ألفا" و"بيتا" و"جاما"، وهذه الأنواع من الأشعة ذات تأثير كبير في تعقيم اللحوم والنباتات والمحافظة عليها وتحول دون تفسخها، ويعتقد الكيلانى بأن وجود هذا النوع من التربة بعناصرها وأملاحها ربما يكون (ومعها أشعة الشمس المتناوبة) الوسيلة التي حفظت أجساد فتية الإيمان أكثر من ثلاثة قرون دون أن تؤثر فيهم عوامل الهواء والتربة.

شكل (1): بقايا المسجد الأثري الموجود فوق الكهف

شكل (3): القبو الشرقى بالكهف

شكل (2): بقايا المسجد الأثرى الموجود أمام الكهف

شكل (4): الدولاب الزجاجي الموجود بالقبو الشمالي ويحتوى على جمجمة الكلب(10).

د- أدلة أخرى: وتتمثل في أن الكهوف الأخرى التي تم الإشارة إليها على أنها هي التي جاء ذكرها في سورة الكهف لا ينطبق عليها آية طلوع الشمس وغروبها، وهو ما أكده الدكتور عبد العزيز كامل الذي زار كهف الرقيم بالأردن مرتين وتأكد من انطباق حركة الشمس في طلوعها وغروبها وعلاقة أشعتها بالكهف، كما درس من قبل عددا من الكهوف التي نسب إليها أهل الكهف وأهمها في أفسوس وطوروس واستبعدها لأنها ذات فتحات لا تتفق في سقوط الشمس عليها مع ما جاء في الآيات الكريمة(11)، وهو ما توصل إليه خبير الآثار الأردني "محمد تيسير طبيان" بناء على دراسة استمرت لأكثر من عشر سنوات، كما أن كثير من المتخصصين و المهتمين الذين زاروا كهف أفسوس ينفون أن يكون هو الكهف المعنى لبعده عن عاصمة الإمبراطورية الرومانية (حوالي 450كم عن أفسوس)، وحتى لو كانت مدينة أزمير هي مقر الحاكم الروماني ومنطلق الفتية المؤمنين فإنها أيضا بعيدة و لايمكن للفتية أن يبتعدوا كل هذه المسافة عن أزمير(12).

بيان علاقة تصميم الكهف بمسار الشمس الظاهري على مدار العام:
إذا كنا قد أوضحنا عاليه بعض الأدلة التي ترجح أن كهف الرقيم الواقع في جنوب شرق عمان (خط عرض 32 درجة شمالا تقريبا) هو الكهف المذكور في سورة الكهف، فانه قد أتيح لمقدم هذا البحث أن يقوم بزيارة هذا الكهف في يوم 6 يونية عام 2003م ورفع مقاسات الكهف من الطبيعة وتحديد اتجاه فتحة باب الكهف باستخدام البوصلة، مع عمل بعض قياسات درجة الحرارة داخل وخارج الكهف، إلى جانب تصوير الكهف من الخارج والداخل وكذلك المسجد الأثري المبنى فوقه والمسجد الأثري الواقع أمام فتحة مدخل الكهف إلى الجنوب.

وقد اتضح من الدراسة الميدانية أن للكهف مدخل واحد يواجه الجنوب الغربي حيث أن واجهة الكهف تميل 40 درجة إلى جهة غرب الجنوب، ومقاسات هذا المدخل هي 1.02م عرض و1.73م ارتفاع وله عتبة بارتفاع 0.21م، والكهف من الداخل يتكون من صالة مركزية بارتفاع حوالي 3.35م يفتح عليها قبوين (فجوتين) من كل من الجهة الشرقية والغربية، كما تفتح عليها فجوة من الجهة الشمالية وهى أكبر مساحة وأكثر ارتفاعا من الفجوتين الشرقية والغربية، ويفتح شباك بالفجوة الشمالية يتصل بنفق هواء رأسي يساعد على تهوية الكهف من الداخل،شكل (5)، ومن الواضح أن المسلمين الأوائل قد عرفوا مكان هذا الكهف وقاموا بعمل بعض العقود الدائرية ونقش بعض الزخارف الإسلامية أهمها النجمة الثمانية المعروفة في الفن الإسلامي على أحد القبور المتواجدة بالفجوة الشرقية.
ولدراسة المسار الظاهري للشمس بموقع الكهف لتحديد مدى انطباق الوصف القرآني لطلوع وغروب الشمس على هذا الكهف، فقد تم الاستعانة ببعض المعادلات التي تحدد قيم الزوايا الشمسية في أي شهر أو يوم أو ساعة من السنة ،
وفي ما يلي المعادلات التي تم استخدامها لتحديد هذه الزوايا الشمسية(13):

أ-معادلة تحديد زاوية ارتفاع الشمس (Azimuth (A:

Sin (A) = Cos (L) * Cos (h) * Cos (d) + Sin (L) * Sin (d) .
Where: L = Latitude angle, h = Hour angle and d = Declination angle.

ب- معادلة تحديد زاوية الانحراف الأفقي للشمس(a)ا Azimuth:

Cos (a) = Sin (d) – Sin (L) * Sin (A) / Cos (L) * Cos (A)

ج- معادلة تحديد زاوية الظل الأفقية للشمس (HAS) :

HAS = / (a – WA /.
Where: WA = Wall’s orientation (Building’s orientation).

د- معادلة تحديد زاوية الظل الرأسية للشمس (VSA) :

Tan (VSA) = Tan (A) / Cos (HAS).

وباستخدام المعادلات السابقة أمكن تحديد الزوايا الشمسية الخاصة بخط عرض 32 درجة شمالا والتي تمثل موقع الكهف في جنوب شرق عمان العاصمة الأردنية، أنظر جدول (1)،

شكل (5): مسقط أفقي وقطاع طولي بالكهف (14)

جدول (1): قيم الزوايا الشمسية في خط عرض 32 درجة شمالا (عمان) في الشتاء (21 ديسمبر) والاعتدالين (21 مارس و21سبتمبر) والصيف (21 يونية)
 

الساعة

الزاوية

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

الصيف (21 يونية)

الارتفاع

12.17

24.34

36.38

49.55

62.20

74.23

81.44

74.23

62.20

49.55

36.86

24.34

12.17

الانحراف الأفقي

69.80

76.56

83.22

90.55

100.3

119

180

240.9

259.6

269.4

276.7

283.4

290.1

الظل الرأسي

23.46

37.21

47.59

56.64

65.39

74.50

83.43

75.22

76.92

61

53.84

45.33

32.48

الظل الأفقي

60.20

53.43

46.77

39.44

29.67

11

40

20.90

39.67

49.44

56.77

63.43

70.19

الاعتدالين (21 مارس و 21 سبتمبر)

الارتفاع

-

12.34

24.73

36.44

46.78

54.44

57.39

54.44

46.78

36.44

24.73

12.34

-

الانحراف الأفقي

-

98.60

107.5

118.4

133

153.5

180

206.4

226.9

241.5

252.4

261.3

-

الظل الرأسي

-

14.38

26.49

37

46.82

56.76

67.64

55.2

46.99

38.44

28.62

16.27

-

الظل الأفقي

-

31.39

22.44

11.51

3.10

23.57

40

13.57

6.90

21.51

32.45

41.39

-

الشتاء (21 ديسمبر)

الارتفاع

-

-

10.26

19.83

27.57

32.72

34.55

32.72

27.57

19.83

10.26

-

-

الانحراف الأفقي

-

-

126.1

136.4

148.8

163.6

180

196.3

211.1

223.5

133.8

-

-

الظل الرأسي

-

-

10.28

19.94

28.88

37.65

41.95

35

27.85

19.86

10.56

-

-

الظل الأفقي

-

-

3.84

6.50

18.83

33.6

40

23.61

8.83

3.59

13.84

-

-

كما تم رسم وتحديد مسار الشمس الظاهري في فصل الشتاء (ويمثله يوم 21 ديسمبر) وفصل الصيف (ويمثله يوم 21يونيه) والاعتدالين (ويمثلهما يومي 21 مارس و21 سبتمبر)، شكل (6)، كما تم تحديد الأوقات التي تدخل فيها الشمس إلى داخل الكهف ورسم وتحديد مساحة ومكان هذه الأشعة الضوئية، شكل (7- أ،ب،ج).

ويتضح من دراسة حركة الشمس بالرسومات السابقة مدى انطباق الوصف القرآني على هذا الكهف، حيث تشرق الشمس على مدار العام (أي في الشتاء والصيف والاعتدالين) عن يمين الكهف ولا تدخل من باب الكهف عند طلوعها، وبدءا من غروب الشمس أي من الساعة 12 ظهرا تبدأ أشعة الشمس في الدخول إلى داخل الكهف على هيئة بقع ضوئية صغيرة المساحة وحتى غروبها في فصل الشتاء وما قبل الغروب في فصلى الربيع والخريف، أما في الصيف فان الشمس تبدأ في الوصول لبداية عتبة المدخل في الساعة الواحدة ظهرا (الساعة 13ظهرا) وتزداد مساحتها حتى تبلغ ذروتها في الساعة الرابعة من بعد الظهر (الساعة 16ظهرا) ولكن لا تتعدى عتبة المدخل.

إن انحراف واجهة مدخل الكهف إلى جهة الجنوب الغربي أدى إلى انطباق الوصف القرآني على كهف الرقيم بالأردن، حيث تشرق الشمس عند طلوعها من على يمين الكهف دون أن تدخله ولكن تقرض الكهف بأشعتها بدءا من الظهر (أي بدءا من أول لحظات رحلتها إلى الغروب) على التفصيل الموضح عاليه، ومن جانب أخرى فان الشمس لا تتعدى أشعتها عتبة مدخل الصيف في الصيف حيث أنه لا يوجد احتياج لذلك لارتفاع درجة حرارة الجو بصفة عامة في ذلك الفصل، في حين أنها تدخل إلى الصالة المركزة فقط في فصلى الشتاء والاعتدالين على هيئة بقع ضوئية صغيرة المساحة وهو مطلوب في هذه المنطقة لإمداد الكهف من الداخل ببعض الدفء حيث أن الأردن في هذه الفصول تميل إلى البرودة.

وبناء على قياسات درجات الحرارة داخل وخارج الكهف في يوم 6يونية (أي في الصيف) فقد وجد أن الانخفاض في درجة الحرارة يصل في المتوسط إلى أكثر من ستة درجات مئوية، ويعزى ذلك لعدم دخول الإشعاع الشمسي المباشر إلى داخل الكهف إلى جانب أن هذه النوعية من الكهوف تتميز بكبر سمك الطبقة الصخرية التي تكسوها من جهة السقف والحوائط مما يؤدى إلى عدم انتقال الحرارة الخارجية إلى داخل الكهف، وصدق الله العظيم حيث يقول: "والله جعل لكم من الجبال أكنانا" تقيكم الحر في الصيف والبرد في الشتاء.
 

 

شكل (6): المسار الظاهري للشمس بالنسبة للكهف على مدار العام(15)

شكل (7-أ): أشعة الشمس لا تتعدى عتبة مدخل الكهف في الصيف(16).

   

شكل (7-ج): الشمس تدخل الكهف في الشتاء على هيئة بقع ضوئية من الساعة 13 إلى 16 من بعد الظهر(18).

شكل (7-ب):الشمس في الاعتدالين تدخل كبقع ضوئية من الساعة 12 إلى 16ظهرا(17).

إن وجود نفق الهواء الرأسي، الذي سبق وأن أشرنا إليه، يقوم بدور ملقف الهواء في أغلب ساعات النهار حيث يقوم بإدخال الهواء البارد إلى داخل الفجوة الشمالية، عن طريق فتحة تشبه الشباك، ومنها إلى باقي الكهف مما يساعد على تجديد الهواء الداخلي بالكهف طوال اليوم، وفي أحيان أخرى خلال أيام الصيف تدخل الشمس داخل هذا النفق الهوائي وتصل إلى أسفل نقطة بالنفق في وقت الظهيرة (الساعة 12 ظهرا) حيث تكون زاوية الشمس قريبة من العمودية فتقوم بتسخين الهواء داخل نفق الهواء الرأسي فيتمدد الهواء ويرتفع إلى أعلى خارجا من فتحة النفق العلوية فيقوم بسحب هواء من داخل الكهف ومن ناحية فتحة مدخل الكهف ليحل محل الهواء الذي يرتفع خارجا من النفق والذي يعمل في هذه الظروف كالمدخنة Stack effect فيساعد أيضا على تحريك الهواء داخل الكهف وتجديده باستمرار.

إن جميع الدلائل التاريخية والأثرية تؤكد أن الكهف الموجود في منطقة "سحاب" في جنوب شرق عمان هو الكهف المذكور في القرآن الكريم، كما أن دراسة أسلوب تصميم الكهف من الناحية المعمارية والشمسية تؤكد الوصف القرآني لحركة الشمس بالنسبة للكهف وأنه في فترات الغروب حتى بالرغم من دخول بعض البقع الضوئية فإنها لاتصل إلى الفجوات الموجودة بالكهف بل تصل فقط للصالة المركزية (ساحة الكهف أو الوصيد)، وهو ما يتطابق أيضا مع الوصف القرآني (وهم في فجوة منه) أي في متسع منه لا تصيبهم أشعة الشمس.

إن الدراسة الميدانية والشمسية لكهف الرقيم بالأردن توضح إعجاز القرآن الكريم في وصف علاقة الكهف بحركة الشمس وهو ما يتوافق مع ما ورد في الآية (17) من سورة الكهف في قوله سبحانه وتعالى: " وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه…"، كما تبرز مدى الكفاءة التصميمية لهذا الكهف من ناحية توفير الظلال صيفا ودخول قدر ضئيل من الشمس شتاءا وفى الاعتدالين في فترات الغروب، إلى جانب التهوية الجيدة والتي تساهم باستمرار في تجديد الهواء بهذا الكهف، وهى كلها عوامل تتوافق تماما مع مبادئ علم التصميم البيئي الحديث، وهى توضح من جانب آخر إحدى النعم التي من الله بها على عباده ألا وهى إمكانية اتخاذ الأكنان بالجبال، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: "والله جعل لكم من الجبال أكنانا".

وأخيرا فان وجود كهف ما في مكان ما ينطبق عليه آية شروق وغروب الشمس كما وردت في سورة الكهف لهو إعجاز وسبق علمي للقرآن الكريم، لأن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا بمعرفة علمية دقيقة بعلاقة حركة ومسار الشمس على مدار العام بهذا الكهف، وهو ما يحتاج لمعرفة علمية دقيقة بالزوايا الشمسية لم تكن تتوفر لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهى معرفة يسبق بها عصر الرسالة لأنها من لدن عليم حكيم، وصدق الله العظيم حيث يقول: "أفلا يتدبرون القرآن، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"، والحمد لله على نعمة الإسلام.
 

 
 

We welcome anyone want to share us, or want to publish his work in the site, just send us an email to know the way of publishing your works, papers, articles, ...etc.